الخميس، 7 فبراير 2019


فلسفة أمل الشّعار

بقلم: السّفير الدّكتور الفخري حسين أحمد سليم

تأثّرت كثيرا بالثّورة الخمينيّة المباركة ونتائجها التي حقّقت وجود الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة... وكنت أتابع التّفاصيل من خلال وسائل الإعلام المختلفة... وواظبت على قراءة صحيفة كيهان الصّادرة باللغة العربيّة واحتفظت بالكثير من أعدادها, وتابعت بشغف مجلّة الشّهيد ومجلّة الأمّة, وتواصلت مع البعض من العاملين في سفارة الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة في بيروت, وتعرّفت عن كثب بالقائم بالأعمال يومها السّيّد محسن الموسوي, وتعرّفت إلى الملحق الإعلامي زهير علويّة وآخرون... فنشأت علاقة وطيدة مع الكثير من الموظّفين ومنهم جودت صفير...
لفت نظري شعار الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة المؤلّف من عدّة أهلّة شُكّلت فنّيّا لتكوّن شهادة التّوحيد العظمى: "لا إله إلاّ الله" وهو ما حوّل المثير من المفاهيم الفنّيّة التي كنت أمارسها كرسّام وكاتب...
تعرّفت للسّيّد موسى الصّدر عندما انتخب رئيسا للمجلس الإسلامي الشّيعي الأعلى لدى استقباله للمهنّئين له, يومها رافقت والدي ووفدا من بعض الأهالي من الحيّ الذي أسكنه في محلّة ضهر الرّيحان بمنطقة الحدث جنوبي شرقي بيروت... وأذكر يومها كيفّ سلّم السّيّد الصّدر عليّ وربّت على أكتافي بعدما سألني ماذا تعمل؟ فقلت له أتابع دراستي المتوسّطة في مدرسة الغزالي بحيّ السّلّم... فقال لي عظيم... قلت له أريد أن أكون رجل دين, قال لي: في المؤسّسة بصور يوجد قسم للدّراسات الحوزويّة...
تعرّفت في أوائل العام 1970 إلى أبو أحمد الحسيني الذي كان موظّفا في المجلس الإسلامي الشّيعي ويقوم بجمع التّبرّعات للمساهمة بمشاريع المجلس, وانتسبت يومها للمجلس الإسلامي الشّيعي الأعلى ومُنحت بطاقة بتوقيع سماحة الإمام موسى الصّدر تحمل الرّقم 13123 / 3113 مؤرّخة بتاريخ 22 تموز 1971 وتعرّفت في نفس الوقت إلى الأخّ حسن محمّد شقرة والدّكتور مصطفى شمران...
انتسبت لحركة أمل مع بداياتها, في العام 1974 وكان اسمها حركة المحرومين, وعملت مع عدد من الأخوة في منطقة حيّ السّلّم وفي قرية الصّدر التي ساهم في وجوديّتها الإمام الصّدر... وأذكر منهم: زين مصطفى, عادل أمهز, مصطفى مصطفى, عقل حميّة نزار طفيلي, أحمد المصري وآخرون... ثمّ شاركت في بدايات العمل الكشفي في قرية الصّدر حيث تمّ يومها افتتاح نادي ثقافي رياضي كشفي في قرية الصّدر بالتّنسيق والتّعاون مع خضر جمال الدّين وعقل حميّة وأحمد المصري وآخرون... وبعدها ساعدت في اقامة المخيّمات الكشفيّة الأولى لفوج كشّافة الرّسالة الذي أصبح فيما بعد فوج الصّدر الأوّل بعد اخفاء الإمام الصّدر, والذي ساهم في تأسيسه عقل حميّة وأحمد سعيد المصري ونزار حسن طفيلي... في أواخر السّبعينات بدأت مع البعض ببلورة العمل الكشفي لفترة محدودة وانقطعت بسبب عملي الوظائفي لمدّة قصيرة خلال العام 1977 بسبب كثرة أسفاري خارج لبنان للملكة العربيّة السّعوديّة... عدت بعدها للنّشاط الحركي وبعدها الكشفي...
أواسط العام 1978 وبعد اخفاء الإمام الصّدر تعرّفت إلى السّيّد حسين الحسيني كأمين عام وهو, إبن بلدتي, وكنت أزوره باستمرار في عرمون, وتعرّفت حينها إلى الأخّ نزيه حسّون الذي كان مسؤولا إعلاميّا والحاج نعيم قاسم أمين الثّقافة والعقيدة...بدأت الكتابة في نشرة أمل ورسالة بعد تبديل عنوانها من "الرّسالة" ثمّ في نشرة أمل, حيث كتبت العديد من المقالات الثّقافيّة التي اعتمدت لاحقا كدروس تثقيفيّة في مكتب العقيدة والثّقافة, وكان يمنحني الحاج نعيم قاسم أمين العقيدة والثّقافة في ذلك الوقت مبلغ خمس ليرات عن كلّ مقال... ونشرت العديد من الأقوال والحكم التي كنت أجمعها من خلال قراءاتي حول مواضيع عديدة, تحت اسم مستعار "أبو نجوى" تيمّما بإسم ابنتي البكر نجوى... نشرت فيما بعد جميع الحكم والأقوال في كتاب خاصّ تحت عنوان: "قالوا" صدر عن دار رشاد برس في الغبيري... وكتبت في بدايات العام 1979 وتحديدا في أوائل شباط مقالة عن قرية الصّدر النّموذجيّة التي ساهمت في تأسيسها, نشرت في إصدار نشرة أمل في الصّفحة التّاسعة صباح يوم الجمعة بتاريخ 9 شباط 1979 الموافق 12 ربيع الأوّل 1399 للهجرة...
أواسط العام 1980 تعرّفت إلى السّيّد حسين الموسوي المدعوّ: "أبو هشام" النّاطق الرّسمي لحركة أمل, عندما اصطحبني خضر الموسوي يومها, والذي كان مسؤولا ثقافيّا للحركة في منطقة حيّ السّلّم... وجلسنا صباحا نحتسي الشّاي في الحديقة المعشوشبة الجانبيّة الشّرقيّة معا بحضور الشّيخ حسن المصري والحاج حسين عبيد والحاج علي عمّار والحاج حسين الخليل والأخّ زكريّا حمزة... وعرف الحضور أنّني أمارس مهنة الرّسم, وقمت بشرح الشّعار الأوّل " الشّبح " الذي صمّمه الشّهيد مصطفى شمران, وعرّجت يومها على ما ينطوي عليه علم الحركة ذات اللون الأصفر... فطلب منّي السّيّد حسين الموسوي ابتكار شعار جديد لحركة أمل, بدلا عن الشّعار القديم الذي يحمل كلمة أمل بالخطّ الدّيواني باللون الأخضر ضمن هالة حمراء على خلفيّة راية صفراء... فوعدت بإنجاز الشّعار بأقصى سرعة ممكنة, بعدما زوّدني السّيّد حسين الموسوي ببعض الشّروحات التي تُعرّف الشّعار الجديد, وهو الحفاظ على كلمة أمل إنّما بصورة شكليّة أخرى تحمل جماليّة مشهديّة... ويتم توقيعها على راية طولها يُساوي مرّة ونصف عرضها, على أن يتم تقسيم ضلعها الأقصر يسارا إلى ثلاث مسافات متساوية, تُفصل بخطوط وهميّة بانحراف 45 درجة إلى الأعلى لتؤلّف مثلّثا قائما متساوي الضّلعين باللون الأسود في الزّاوية العليا اليسرى, وشكل منحرف متساوي الضّلعين باللون الأحمر بمحاذاة المثّلّث ذات اللون الأسود, والباقي مساحة الرّاية باللون الأخضر... بناء لتوجيهات من الفنّان رفيق شرف الذي صمّم الرّاية وترك لي حرّيّة تصميم الشّعار... والفنّان رفيق شرف هو ابن بلدتي وصديق والدي من أيّام الدّراسة في مدرسة حدث بعلبك التي كان يُديرها الأستاذ الياس المعلوف, حيث برزت عنده معالم الإبداعات الفنّيّة يومها, كم أخبرني والدي...
خلال ثلاثة أيّام من اللقاء تمّ تصميم الشّعار المطلوب, وكان أوّل مُقترح تقدّمت به مشابها من حيث الرّؤيا الشّكليّة لمضمون شعار الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة, بحيث يحمل إسم الجلالة: "لا إله إلاّ الله" وبنفس الوقت يحمل كلمة أمل, بشكل فنّي جميل وموحي, بخطّ هندسي معماري مبتكر ودائري... تمّ رفضه من قبل السّيّد حسين الموسوي بعد عدّة استشارات مباشرة وبوجودي مع بعض المسؤولين الذين كانوا متواجدين يومها في مجلس قيادة حركة أمل في برج البراجنة ومنهم أحمد حسين والشّيخ حسن المصري والحاج حسين عبيد والأخ مصطفى الدّيراني والأخ زكريّا حمزة, لأنّ فيه بعض التّشابه الشّكلي مع الشّمعدان الإسرائيلي, وحاولت إقناع أبو هشام بعدما أحضرت صورة للشّمعدان وقمت بعمليّة المطابقة واظهار الفوارق بين الشّعارين وعدم المطابقة بينهما ولكنّه أصرّ على ابتكار شكل آخر للشّعار...
بعد ثلاثة أيّام أخر تمّ ابتكار شكل آخر, قوامه كلمة أمل بشكل واضح ومبتكر أيضا من روحيّة الخطّ الهندسي المعماري الدّائري, ومن رؤى روحيّة الشّعار الأوّل, لا بل نفسه مع بعض التّعديلات ببعض الخطوط والدّوائر... وتمّ توقيعه على الرّاية التي اقترحها الفنان رفيق شرف وحملت المقترح لمجلس القيادة في برج البراجنة, وعرضته مع السيد حسين الموسوي بحضور الشّيخ حسن المصري والأستاذ حسن هاشم والأخ عاطف عون والأخ أحمد حجازي والحاج حسين عبيد والحاج علي عمّار... فأعجب الحضور بالمقترح, وطلبوا منّي الإنتظار في غرفة جانبيّة لمكتب الرّئاسة, ريثما يتمّ أخذ القرار بالتّنفيذ, وما هي إلاّ نصف ساعة حتّى حضر الأستاذ نبيه برّي وعقدت جلسة خاصّة في العاشرة صباحا تقريبا, وفي العاشرة والنّصف خرج السيد حسين الموسوي من الجلسة وسلّمني الشّعار بعد الموافقة عليه من قبل الحضور الذي كان بينهم يومها الفنان رفيق شرف وطلب منّي العمل على تنفيذه في مطبعة الزّهراء بالتّنسيق مع الحاج أحمد حسين يومها... 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق