الخميس، 7 فبراير 2019


شعار أمل

بقلم: السّفير الدّكتور الفخري حسين أحمد سليم

غالبا ما تتعاطف نبلا مع رؤى خيالاتي حروفيّات أبجديّة الضّاد, فتنقاد عناصر تكوينات الحروف مطواعة, تنساب ليونة مع لطافة حركة أناملي وهي تُمسّد سنّ القلم... أرسم الحروف المختارة وأشكّلها كما يحلو لي, فأبتكر من بعضها ما ترفل له العين, وهي تكتحل بمسحة جمالها, وما يتفكّر لأشكالها العقل, محاولا سبر غور ما تطلسم عليه, من خلال مشهديّات تكويناتها على الحال التي تنتهي إليه...

في ومضة من طرف ناعس الأحداق, تتّشح سحرا حروف الألف والميم واللام, من عقد منظومة أبجديّة الضّاد المُشرّفة بكتاب الله, تتموسق بمسحة من جمال, تترنّم في دندنات على أوتار الإيمان, ترفل لها العين المكحولة, بغباريّات الكحل العربي الحجري, وامضة في اهتزازات مُقدّرة, لتستقبل توالد الإشعاعات النّورانيّة, المُنبثقة من قلب الكوكب الوضّاء, المشغول من نسائج طرحة عروس بيضاء ناصعة نقيّة زاهية, تتماهى عنفوانا تاريخيّا في امتدادات جغرافيا الحياة...

محاكاة البعد في الوجدان, رؤى الأمل المرتجى, الملتمع في الإمتدادات, يتراءى للبصيرة الكامنة في كينونة الذّات, فتتحفّذ النّفس متوثّبة بكلّ طاقاتها, التي أودع الله سرّها في نسمة الرّوح, لتنطلق محلّقة في الفضاءات, بحثا وتنقيبا عن الحقيقة, في رحلة العودة من عالم كثافة مادّة التّراب, إلى عالم شفافيّة أثيريّة الرّوح... تمتطي صهوة أمواج البحار, ثورة مستدامة لا تهدأ, حتّى لا تنتهي, تضطرد قدرا, كلّما خبا فعل الرّفض للظّلم والجور والبهتان... أمانة موروثة, وديعة مؤتمن عليها حامل الأمانة من صاحب الأمانة, تتوارثها الأجيال من أمين صادق الوعد, إلى أمين ثابت العهد, إنّ العهد كان مسؤولا...

تشكيلا فنّيّا في الإمتدادات اللامحدودة, تتراءى لي النّقطة المجرّدة دائرة عظمى مطلقة, تمتدّ تناميا مستداما في اللانهايات وتتّسع, بشعاع فضّيّ وضّاء ينبثق من محوريّة السّمت لا نهاية له, ذلك هو الوجود الذي شاء له الله الكينونة فكان, لا نحيط بمكنونه المقدّر, لتتراءى لنا عظمة الله في عظمة الخلق, وتتجسّد أمامنا وحدة الله في وحدة الخلق...
أبتكر من شعاع ثابت المحور في سمت الحقيقة, عند الطّرف الآخر المُتحرّر من كلّ القيود, يمتدّ ويمتدّ ويمتدّ ثابتا من محور سمت نقطة مُطلقة في الزّمان والمكان, يتحرّك نور الشّعاع فيتدوّر الخطّ الحرّ مُنتظما, مُكوّنا رؤى محيط نصف دائرة, على شكل هلال يتلألأ بالنّور, ليتشكّل ما يتطابق والألف تشغل الإطار الأيمن, من دائرة أمل الأمل  الحبّ... يحتضن الخطّ الدّائريّ المُبتكر هلالا بنُبل عاطفته, مودّة ورحمة, وعلى شاكلته وليدا آخر, يتراءى وكأنّه نصف دائرة قائمة القطر عاموديّا, تتسامت محوريّا في قلب محور انبعاث الشّعاع المطلق, لتتكوّن عناصر حرف الميم مشرقة الضّوء, بعينه التي تتّخذ نصف دائرة عاموديّة القطر شكلا, ليتّصل الميم  امتداد انسيابات هلاله عند طرف الإرتكاز الأيسر عشق قداسة أبديّة لا فصام لها, باللام المنتصبة الألف اللا مهموز تُحاكي تماسّا طرفيّ الهلال الأكبر, ينساب ذيل ألف اللام منتظم التّكوير إلتفافا مع منظومة هلال الألف, تماسّا مع مساحة ربع الدّائرة الثّالث يسارا, ليتكامل رأس الذّيل مع امتدادات هامة اللام... فيكتمل التّكوين في أتمّ الأشكال الهندسيّة على الإطلاق, دائرة منتظمة متكاملة متماسكة متعاضدة متشابكة الحروفيّات الثّلاث: الألف والميم واللام لتتماهى "أمل" بهالة من أطياف طهارة الدّماء, رمز البذل والعطاء والتّضحية والجهاد بالنّفوس والأرواح والأجساد, إحياءا وتوكيدا وتجسيدا للحقّ وإعلاءا لكلمة الله والتي هي العليا أبدا, تتنامى وتتعاظم وتتوالد وتمتد اخضرارا باخضرار, تجرف أمامها كلّ مظاهر الجهل والتّخلّف والفقر والحرمان والظّلم...
أمل هالة نور لعشّاق النّور... تتهادى وتتماهى وتتحدّى عولمة حبّ وعشق وإيمان بالله وأنبيائه ورسله وكتبه الدّاعية لربوبيّته وتوحيده في عولمة هذا العصر... أمل... كانت وتبقى وستبقى أبدا, رمزا وشعارا وعروسا, تهفو إليها قلوب الذين أتمّ الله عليهم النّعمة مودّة ورحمة وارتضى الإسلام لهم دينا, فركبوا سفينة نجاة الأمّة ولم يتخلّفو عنها, تلبية لنداء سليل أهل بيت الرّسول الأكرم الإمام القائد السّيّد موسى الصّدر, تعاضدا وتفاعلا وأخوّة مع حامل الأمانة من صاحب الأمانة البرّ النّبيه نبيه مصطفى برّي...
أمل... في رونق سحرها الأخّاذ, تشعّ من ثنايا أردانها, أطياف النّور في سيّالات وضّاءة, تتشظّى انبعاثا كوكبيّا, كما قرص الشّمس نهارا, يسطع في كبد السّماء, بين فعل الشّروق وفعل الغروب, تهتدي بنوره الخلائق كلّ الخلائق, وتتوالد من دفء أشعتّه معالم الحياة في كينونة الحياة... وكما وجه البدر ليلا, يتألّق راقصا بين وصيفات متوهّجات بالنّور, كأنّه القنديل السّحريّ المعلّق في قبّة الفضاء, منارة هدي ورشاد للهّائمين في متاهات الفلوات... وطريق استقامة وصلاح امتداد خطّ الرّسل والأنبياء والأولياء والأوصياء والأئمّة, تمهيدا لقيامة صرح حضارة المنتظر مهديّ الزّمان...  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق